رئيس التحرير : روزالزهراء ـ مدير التحرير : مجدى شلبى

عظمة صناع المسلات





لغز المسلة المصرية


المسلة هي الأصل الذي أثر في المعمار الديني فاستوحى منها الفنان برج الكنيسة، ومئذنة المسجد.

كتب ـ عبدالمنعم عبدالعظيم

أكثر من خمسين مسلة مصرية تزين ميادين العواصم العالمية نقل بعضها الغزاة، والبعض الآخر المغامرون ولصوص الآثار بداية من أشور هانيبال الذي نقل مسلتين إلى نينوى، إلى شامبليون الذي نقل إحدى مسلتي رمسيس من معبد الأقصر إلى ميدان الكونكورد في باريس، ولم يبق للأقصر سوى ثلاث مسلات وواحدة في عين شمس.

وترجع أهمية المسلات كونها إحدى الشواهد التاريخية وتعبيرا مقدسا عن إله الشمس رع، وفي كونها الأصل الذي أثر في المعمار الديني فاستوحى منها الفنان برج الكنيسة، ومئذنة المسجد.

كانت صناعة المسلات واحدة من إعجازات الفنان المصري القديم، لقد استطاع أن يقطع مسلاته من قطعة حجرية واحدة اقتطعت من بطن الجبل ونقلت من المحاجر في جنوب أسوان إلى الأقصر وباقي المدن القديمة.

وظلت المسلة المشروخة في محاجر أسوان التي تركت مكانها نتيجة هذا الشرخ شاهدا على كيفية نحت المسلة واستمرت تجذب العلماء والباحثين عن أسرار الحضارة المصرية العريقة للتعرف على الكيفية التي استخدمت في قطع هذه الكتل الحجرية الضخمة والصلبة أيضا.

إحدى محطات التلفزيون الأميركية والإذاعة البريطانية الـ BBC اشتركتا في إنتاج فيلم تسجيلي لكشف سر صناعة المسلة بعد دراسات في علوم المصريات وزيارات للمتاحف والمعابد التي حوت المسلات. وقام فريق العمل بمحاولة صنع مسلة باستخدام نفس الأدوات التي استخدمها المصري القديم.

وفي أسوان تم اختيار قطعة من الجرانيت الوردي لنحت المسلة بطول 17 مترا ووزن 40 طنا، ثم عدلوا عن هذا الاختيار واختاروا قطعة أقل طولا وأخف وزنا واستخدم الفريق نظريتين من النظريات التي فسرت كيفية صناعة المسلات.

النظرية الأولى للعالم الأثري انجل باخ الذي كان يرى أن المسلات فصلت من الجبل باستخدام مدكات خشبية (خوابير) على أطرافها كرات من الحجارة الصلدة من أحجار الدولورين الأسود الشديد الصلابة والتي عثر على قطع عديدة منها بمحاجر المسلات بأسوان. والنظرية الثانية باستخدام فحم مشتعل بين صفين من الطوب على طول خط المسلة المراد فصله.

كما استخدم منشار صنع خصيصا لهذه المهمة من سبيكة تتكون من النحاس الأحمر والألمنيوم والرصاص مثل المنشار المستخدم في قطع الأشجار الضخمة بالغابات.

وتمت الاستعانة بخبير مصري في المحاجر هو المهندس حمادة رشوان، كما تمت الاستعانة أيضا بالشيخ علي القصاب كبير عمال نقل الآثار بالأقصر وفريق من العمال يتكون من 65 عاملا محترفا و300 عامل عادي.

ولم تستطع البعثة بعد كل المجهودات التي بذلتها إلا اقتطاع مسلة طولها 11 مترا ووزنها 35 طنا، ولم تسلم من الشروخ وتم تلميعها وصقلها بالرمال الأسوانية.

وتم استخدام طريقة الشادوف المصري لرفعها، واستخدمت الزلاقات الخشبية وقشر الموز (80 كيلو موز يوميا) إلى جانب استخدام الطفلة الأسوانية لتسهيل الانزلاق وكذلك شحم الخراف.

ورغم ذلك وبعد تكاليف زادت على 30 مليون جنيه، لم تستطع البعثة أن ترتفع بالمسلة أكثر من 30 درجة.

هنا أيقن رئيس البعثة كم كانت عظمة صناع المسلات من قدماء المصريين.

عبدالمنعم عبدالعظيم ـ الأقصر (مصر)

مدير مركز دراسات تراث الصعيد الاعلى

أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى